تحليل آفاق التضخم والاقتصاد الوطني: الدينار التونسي يحافظ على صموده أمام العملات الرئيسية:

في بيان رسمي أصدره عقب اجتماعه الأخير، أكد مجلس إدارة البنك المركزي التونسي أن الدينار التونسي لا يزال يتمتع بقدر كبير من الصمود أمام العملات الرئيسية، على الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية. وناقش المجلس آخر التطورات الاقتصادية والمالية على المستويين الدولي والوطني، مع التركيز على آفاق التضخم وتوقعاته المستقبلية.
وأشار البيان إلى أن تراجع الضغط على أسعار المنتجات الأساسية في الأسواق الدولية ساهم في دعم مسار انخفاض التضخم على نطاق دولي خلال عام 2024. ومع ذلك، استمرار التضخم الأساسي أبقى التضخم الإجمالي أعلى من توقعات البنوك المركزية خلال الأشهر الأولى من عام 2025. وقد أدى هذا الوضع، في ظل غياب اليقين الجيوسياسي والتجاري، إلى مراجعة توقعات التضخم نحو الارتفاع على المدى القصير، مما دفع عدة بنوك مركزية في الاقتصادات الكبرى إلى تجميد الفائدة المديرية.
على الصعيد المحلي، سجل النمو الاقتصادي في تونس ارتفاعًا ملحوظًا خلال الربع الأخير من عام 2024، حيث بلغ 2.4% على أساس سنوي، مقارنة بـ1.8% خلال الربع السابق. ويعزى هذا التحسن إلى تطور نشاط قطاع الخدمات وأداء القطاع الفلاحي، الذي يظل ركيزة أساسية للاقتصاد التونسي.
ومع ذلك، أبرز المجلس بعض التحديات التي تواجه الاقتصاد التونسي، خاصة على مستوى العجز الجاري، الذي بلغ 1654 مليون دينار (ما يعادل 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي) مع نهاية فيفري 2025، مقارنة بـ113 مليون دينار (0.1%) خلال عام 2024. ويعود هذا التوسع في العجز التجاري إلى ارتفاع الواردات، رغم الأداء الجيد للقطاع السياحي ومداخيل العمل.
وفي ما يتعلق بالاحتياطيات النقدية، قدر المجلس صافي الأصول بالعملة الأجنبية بنحو 22.9 مليار دينار في 25 مارس 2025، وهو ما يتيح تغطية 100 يوم من الواردات، مقارنة بـ27.3 مليار دينار (121 يوم توريد) خلال نفس الفترة من العام الماضي.
أما بالنسبة للتضخم، فقد أظهرت البيانات الأخيرة علامات تباطؤ، حيث تراجع إلى 5.7% في فيفري 2025 مقارنة بـ6% في جانفي 2025. ويعود هذا الانخفاض بشكل أساسي إلى تقلص تضخم المواد بالأسعار القارة، بفضل تخفيض الضرائب على استهلاك الكهرباء واستقرار أسعار الخدمات. ومع ذلك، واصلت أسعار المنتجات الغذائية الطازجة ارتفاعها بوتيرة مرتفعة، لتصل إلى 13.3% في فيفري 2025.
وحذر المجلس من أن زيادات الأجور المرتقبة في القطاعين العام والخاص قد تخلق ضغوطًا تصاعدية على التضخم، نتيجة زيادة تكاليف الإنتاج وتحفيز الطلب في ظل قدرات إنتاجية أقل حيوية بسبب الإجهاد المائي وبطء تنفيذ الإصلاحات الاستراتيجية.
وأكد المجلس أن مستقبل التضخم في تونس لا يزال محفوفًا بالمخاطر، وأن تحقيق انخفاض أكبر يتطلب معالجة مكامن الخلل المتعلقة بالتصرف في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى مراقبة أسعار المنتجات في السوق العالمية وأسعار النفط وتطور الطلب المحلي.
___________________________________________________________________________________________________
| الكلمات المفتاحية: الدينار التونسي | البنك المركزي التونسي | التضخم في تونس | الاقتصاد التونسي